تُعدّ الخامة، بكل ما تنطوي عليه من جمال وتعقيد، عنصراً أساسياً في أعمال سُلافة. ففي هذه السلسلة، تتناول الفنانة الدور التحويلي وغير التقليدي الذي يمكن أن يؤديه الملمس في أعمالها الفنية، عبر الدمج المتناغم بين أدوات مختلفة. تقوم سُلافة هنا بطباعة أجزاء من الكروشيه على الخزف، لتبرز التباين بين رقة الخيوط المحاكة بالكروشية من جهة، وصلابة الخزف وجموده من جهة أخرى. ومن خلال هذا الجمع بين مادتين بخواص متباينة، يُجسد هذا العمل الفني عملية الحياكة بالكروشيه على سطح صلب ودائم، متيحةً للمشاهدين تأمل المساحة الفارغة التي تحمل أثر عينة الكروشيه.

يتجاوز هذا المشروع حدود التجريب المادي، حيث تعكس عملية حياكة الكروشيه حالة تصالح مع المشاعر التي تختبرها الفنانة على امتداد يومها. ورغم أن درزات الكروشيه قد تبدو متماثلة في ظاهرها، فإنها تحمل في تفاصيلها الدقيقة أثر اللحظة الشعورية التي حيكت فيها، ما يمنح كل درزة طابعها الفريد الخفي. وبتأمل الدور التاريخي للخزف بوصفه وسيطاً لحفظ الذكريات والأحداث، تستخدم الفنانة الطين في هذا العمل لتجسيد هذه الرحلة الحسية في شكل مادي دائم. فكل بصمة كروشيه مطبوعة على سطح الخزف تكشف اختلافاً في النسق والملمس بين كل درزة وأخرى. وتعكس هذه القطع الخزفية تفرد تلك اللحظات الشعورية القَيِّمة وما ينتج عن كل منها من درزات كروشيه مختلفة وإن بدت متماثلة ومكررة في ظاهرها.