كان معرض " أين أنتهي " هو الحدث الافتتاحي لفاعلية WIE Kollektiv ، التي تضم عشرة فنانين دوليين من خلفيات متنوعة .وكان المعرض الذي أقيم في أكتوبر في Backhaus Project ببرلين يستكشف موضوع الحدود ، من الشخصية إلى الكونية . وكان كل عمل فني معروض يروى قصة إعادة تقييم الهوية الذاتية والعلاقات ومكاننا ضمن النسيج الأوسع للوجود .شكّل المعرض تجربة متعددة الحواس ، حيث دعت الزوار إلى التجول في تلك المساحة الغامضة التي تنتهي فيها الذات ويبدأ فيها كل شيء آخر . وقد عرضت سُلافة ضمن المعرض العمل رقم 16 من سلسلتها " تتبع غير المرئي " ، ومنحوتة الكروشيه "ملموس " رقم 3 ، الناتجة عن الرسومات الإيمائية بالفحم .
تتبع غير المرئي : رقم 16 فحم على ورق 47 × 35 سم 2023
في فن الكروشيه ، لا يمكن اعتبار حركة يد الفنان مجرد فعل ، وإنما هي امتداد لوجوده الإنساني ،وانعكاس لكيانه الفريد غير القابل للتكرار في تلك اللحظة المحددة . وتسعى سُلافة من خلال شغفها بالفن إلى تجسيد تلك اللحظات العابرة وتحويلها إلى أعمال فنية . وفي هذا العمل ربطت الفنانة عصا من الفحم بإبرة الكروشيه لتصنع ذراعاً ممتدة تتحرك أثناء الحياكة ، مايترك علامات دقيقة على الورق . وتتحول حركة الإبرة وحركات عصا الفحم غير المتعمدة إلى " رسومات إيمائية " أو " آثار " على الورق تتبع العمل والحركات الكبيرة والصغيرة ، والوقت والجهد المنسوجان في كل قطعة . من خلال تتبع الحركة الإيقاعية والنظامية لليد أثناء الكروشيه ، أدركت سُلافة مدى الفوضوية وعدم التنبؤ بحركة هذا الفن . ومن فوضى هذه الآثار ، وُلِد شكل حر استوحت منه الفنانة منحوتة كروشيه ثلاثية الأبعاد . ويُشكل التحول من الرسومات ثنائية الأبعاد إلى المنحوتات النسيجية ثلاثية الأبعاد جانباً أساسياً في عملها ، إذ يجسر الفجوة بين مسطح الورق وواقعية الكروشيه الملموسة . وتشبه هذه القطعة ، التي نتجت من خلال تتبع المحيط الخارجي لتلك الأشكال العشوائية ، ثم إعادة ترتيبها بعفوية . ومن خلال هذه المنحوتة ، تستكشف سُلافة الفروق الدقيقة في درجات اللون الرمادي ، متنقلة بين درجات الأبيض والأسود . هذا الاستكشاف ليس مجرد دراسة لتباين الألوان ، بل هو رحلة تحدٍ لإيجاد الحدود بين النظام والفوضى والقواعد والعبث ، وفهم كيف يؤثر كل منهما في الآخر .
WIE Kollektiv: أين أنتهي - صورة من عرض المعرض
تتبّع غير المرئي رقم 16، 2023، فحم على ورق، 47 × 35 سم
تتبّع غير المرئي رقم 16، 2023، فحم على ورق، 47 × 35 سم
كما يتدفق الكروشيه، كذلك تتدفق الحركات التي تصنعها يداي. فهي امتداد لوجودي، وانعكاس لما أنا عليه في تلك اللحظة، التي لا تتكرر أبداً. أرغب في تذكّر تلك اللحظات ونقشها كعمل فني قائم بذاته. تعيش هذه اللحظات في هيئة خطوط محفورة، أو "رسومات إيمائية" أرسمها دون وعي على الورق. هذه الآثار غير المرئية تلتقط الكبير والدقيق، مرور الزمن، وجوهر الحركة ذاتها. ومن الخطوط المتشابكة وحدودها تولد تركيبة عضوية، تضاريس متعددة الطبقات. من خلال استكشاف الفروق الدقيقة في طيف الرمادي، أسير في رحلة بين الأبيض والأسود. وفي خضم التناقضات الجامدة، ومن خلال رفض الحدة بين الألوان، تنبثق رؤى أكثر سلاسة، وتصبح الفوارق أكثر لطفاً، ويتضح تأثير كلٍّ منهما في الآخر. وهكذا تكتسب الأشكال الثنائية الأبعاد بُعداً ثالثاً من خلال الفضاء في المنحوتة النسيجية، مما يجسر الفجوة بين المسطح والمحسوس.